شبكة أصداء الثقافية الأخبار مقالات دينية تنقية الحديث في الموروث الشيعي الحلقة الثالثة

تنقية الحديث في الموروث الشيعي الحلقة الثالثة


بسم الله الرحمن الرحيم

 
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله محمد واله الطيبين الطاهرين.
 
وبعد:
 
لقد ذكرنا في الحلقتين الأولى والثانية السبب الأول والثاني مِن أسباب وضع الأحاديث عند الحيدري.
 
وذكر الرواية الآتية في مقام تأييد وتوكيد الوجه الثاني – وقد عبر عنه بالوجه الثالث – وهو ما يعود إلى الدس من داخل مدرسة أهل البيت عليهم السلام.
 
والرواية من كتاب اختيار معرفة الرجال للشيخ الطوسي المعروف برجال الكشي ص240 بسنده عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، ان بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر، فقال له: (يا أبا محمد ما أشدك في الحديث، وأكثر انكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟
 
فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا الا ما وافق القرآن والسنة، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فان المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا صلى الله عليه وآله فانا إذا حدثنا، قلنا قال الله عز وجل، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله.
 
قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم، فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام.
 
وقال لي: ان أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليه السلام لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الاحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فانا ان تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، انا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول قال فلان وفلان، فيتناقض كلامنا، ان كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصادق لكلام آخرنا، فإذا اتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا أنت اعلم وما جئت به، فان مع كل قول منا حقيقة وعليه نورا، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك من قول الشيطان).
 
واعتبر الرواية من اخطر الروايات وان هذا هو المنهج الذي يتبناه والذي يُحاول أن يحييه، وأن الأصل في الروايات الفساد حتى تثبت الصحة، وأخذ يهرج بكلام لسنا بحاجة إلى نقله.
 
وأقول:
 
أولاً:
 
إنّه لمفخرة من مفاخر الشيعة أن يكون من رواتهم يونس بن عبد الرحمن المتشدد في قبول الأحاديث وكم له من نظير في مدرسة اهل البيت (عليهم السلام)، فلماذا لم يركز الحيدري على هذه المفاخر التي تعطي الصورة الناصعة للمذهب الحق كي يثبت الذين آمنوا ويغيض المخالفين!!!.
 
ثانياً:
 
هذا الخبر ناظر إلى مسائل الكفر والغلو والجبر والتفويض وهذا معلوم من خلال الاشخاص الذين يدسون ما يريدون به اسقاط اهل البيت عليهم السلام في نظر الناس ولذا قال الشيخ الأنصاري في المصدر السابق: (الأقرب حملها على الأخبار الواردة في أصول الدين، مثل مسائل الغلو والجبر والتفويض التي ورد فيها الآيات والأخبار النبوية).
 
ومثله قول الشيخ يوسف في الحدائق الناضرة ج1 ص11، وقول الشيخ حبيب الله الهاشمي الخوئي في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج14 ص49. وغيرهم من اعلام الطائفة.
 
ثالثا:
 
إنّ عدم قبول ما خالف كتاب الله تعالى هو ديدن علمائنا الأقدمين ورواة أحاديثنا المؤتمنين، حتى وصلت إلينا الأحاديث منقحة وليس فيها ما يخالف كتاب الله تعالى.
 
استمع إلى ما يقوله الشيخ مرتضى الأنصاري في فرائد الأصول ج1 ص251: وهو يتحدث عن مثل هذه الاخبار التي تنص على عدم الأخذ بالأخبار المخالفة لكتاب الله العزيز:
 
(هذه الأخبار غير موجودة في كتبنا الجوامع، لأنها اخذت عن الأصول بعد تهذيبها من تلك الأخبار).
 
رابعاً:
 
ها هو يونس بن عبد الرحمن يعرض الأحاديث على الإمام الرضا عليه السلام ويدله على الصحيح منها من غيره، ولم يكتف علماؤنا الأعلام بذلك بل أنشئوا العلوم ودوّنوا الكتب في تنقيح الروايات، ولنستمع إلى ما يقوله الشيخ حبيب الله الهاشمي الخوئي في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة ج14 ص49.: (اهتمّ علماؤنا الأخيار غاية الاهتمام بحفظ الأخبار وضبطها ونقدها وتمييز غثّها من سمينها وصحيحها من سقيمها، وقسّموها إلى الصحيح والموثّق والحسن والضّعيف، وصنّفوا كتبا في علم الدّراية وعلم الرّجال، وقد أشير إلى ما ذكرنا في مؤلفات أصحابنا وأخبار أئمّتنا سلام اللَّه عليهم).
 
ولا نبالغ إن ادعينا أنّ تعداد ما ألَّف من الكتب الرجاليّة قد يصل إلى المئات، حتّى أنّ الشيخ آقا بزرك الطهراني - رحمه اللَّه تعالى - قد ألَّف كتابا كاملا في هذا الموضوع سمّاه: (مصفى المقال في مصنّفي علم الرّجال).
 
خامساً:
 
الحيدري في اوائل مقطع الفيديو يُنكر اللعن مع التصريح بالأسماء، ولكنه في هذه الرواية قد تمّ لعن شخصين بأسمائهم؛ المغيرة بن سعيد لعنه الله وأبا الخطاب لعنه الله، ولقد احصيت اكثر مِن ستين شخصا قد لعنهم المعصومون بأسمائهم، بل إن الله تعالى قد لعن فرعون وقومه كما لعن إبليس في كتابه العزيز: قال عز مِن قائل:
 
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ(96)إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ(97)يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمْ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ المَوْرُودُ(98) وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ المَرْفُودُ}.
 
{وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}. {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}.
 
ولعن الله الكافرين والمشركين والمنافقين وأهل الكتاب والظالمين ومن آذى الله ورسوله وقوم عاد وغيرهم في كتابه المجيد، وهل لعَن الله العناوين أم لعن الأشخاص الذين ينطبق عليهم ذلك العنوان!!!.
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
 
نتابع كلام الحيدري في الحلقة الرابعة إن شاء الله.
 
رابط المقطع:
 
https://www.youtube.com/watch?v=l1EKcziHZW0

أضف مشاركة  طباعة

انشر (تنقية الحديث في الموروث الشيعي الحلقة الثالثة )

Post to Facebook Post to Twitter Post to Google+ Post to Digg Post to Stumbleupon Post to Reddit Post to Tumblr

أضف مشاركة

الاسم
البريد الإلكتروني
نص التعليق
الكود الأمني
 

كلامهم نور

قال الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام): "اتَّقوا الكذب، الصغير منه والكبير في كُلِّ جِدٍّ وهزل ؛ فإنَّ الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير"

التقويم الهجري

18
شوال 1445

مواقيت الصلاة

الفجر 03:42
الشروق 05:04
الظهر 11:37
المغرب 18:25