تنقية الحديث في الموروث الشيعي الحلقة الثانية
- بواسطة: عبد الزهراء العلوي
- تاريخ الإضافة: 1/9/2013 - 12:21 م
- المشاهدات: 2683
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على حبيب الله محمد واله الطيبين الطاهرين .
وبعد:
لقد ذكرنا السبب الأول مِن أسباب وضع الأحاديث عند الحيدري في الحلقة الأولى.
وذكر أن السبب الثاني مِن أسباب وضع الأحاديث في الموروث الشيعي هو الوضع مِن داخل مدرسة أهل البيت عليهم السلام وذلك بفعل الزنادقة والغلاة والكذابة حيث نخروا المذهب بأكاذيبهم.
وقرأ مِن كتاب اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي لشيخ الطائفة الطوسي ص241: مقتطعات من رواية، ونحن سننقل الرواية كاملة.
روى الكشي بسنده عن هشام بن الحكم ، انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: (كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدس فيها الكفر والزندقة، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه ويأمرهم ان يبثوها في الشيعة، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك ما دسه المغيرة ابن سعيد في كتبهم).
أقول:
هذه الرواية الشريفة ينبغي أن تُفهم على النحو التالي في نقاط:
الأولى:
إنّ الإمام نصّ على أنّ المغيرة بن سعيد كان يدسّ الكفر والزندقة والغلو، وليس فيها دلالة على أن المغيرة يدسّ غير ذلك، فلا يصحّ التمسك بها إلا ما فيه غلو وكفر وزندقة. فلا يصح من الحيدري وأمثاله أن يتمسكوا بها في غير ما صرحت به.
الثانية:
إنّ أهل البيت عليهم السلام بينوا للناس نوع الدسّ في الكتب ومَن الداس باسمه حتى يتجنب الشيعة تلك الأحاديث، فهل كان الثقاة مِن الشيعة يُخالفون أئمتهم ويأخذون بما نهوا عنه من الكفر والزندقة والغلو!!!
الثالثة:
التنبيه والتحذير في الرواية السابقة مِن زمن الامام الصادق عليه السلام، ومِن المعلوم استمرار ذلك في زمان الامام الكاظم والإمام الرضا والإمام الجواد والإمام الهادي والإمام العسكري والإمام المنتظر عليهم السلام، وقد اعترف الحيدري بذلك فلا حاجة إلى إثباته.
ألا تكفي تلك الفترة الزمنية كي يتجنب الشيعة - تحت هدي أئمتهم - عن تلك الأحاديث!!!
الرابعة:
إن المخالفين لا يوجد لديهم من يرجعون إليه في معرفة الواقع، وأما شيعة أهل البيت عليهم السلام فكانوا - بفضل الله ورحمته ومنه - يرجعون إلى أئمتهم في الأحاديث لتمييز الحق منها مِن الباطل، فهل استطاع أهل البيت عليهم السلام عبر تلك العصور أن ينقحوا الأحاديث مِن الغلو والكفر والزندقة، أم أنهم فشلوا في ذلك إما بسبب قوة عدوهم في الدس أو ضعف شيعتهم في الأخذ بقولهم!!!
ولقد قام الأئمة عليهم السلام وأصحابهم على تنقية الكتب.
ومن ذلك على سبيل المثال:
1- كتاب الحلبي الذي عرض على الإمام الصادق عليه السلام وصححه.
2- كتاب الصحيفة السجادية نسخة السيد يحيى التي عرضها المتوكل بن عمير وقابلها بنسخة الإمام الصادق عليه السلام التي هي بخط الإمام الباقر عليه السلام.
3- كتاب محمد بن قيس الذي عرض على الإمام الباقر عليه السلام.
4- كتاب اختيارات الأيام للديلمي الذي عرض على الإمام الهادي عليه السلام.
4- كتاب ابن خانبة الذي قوبل مع كتاب أخرجه الإمام العسكري عليه السلام.
5- كتاب يوم وليلة ليونس بن عبد الرحمن الذي عرضه أبو هاشم الجعفري على الإمام العسكري عليه السلام.
6- كتاب عبد الله بن الجبر المعروف بديات ظريف بن ناصح عرضه عبد الله بن الجبر على الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: نعم هو حق. و عرضه ظريف ويونس بن عبد الرحمن. وعرضه الحسن بن الجهم الثقة على الإمام الرضا (عليه السلام) فقال: ارووه فانه صحيح.
7- كتب بني فضال التي أجاز الإمام العسكري العمل بها.
8- الكتب التي أجازها الإمام الجواد عليه السلام.
ولو كان هذا القائل منصفاً وينظر لمثل هذه القضايا بعين الإنصاف لوجد أن الأحاديث الواصلة إلينا بعيدة عن الكفر والزندقة لأن أهل البيت عليهم السلام هم من قام بالإرشاد إلى تنقية الأحاديث، ولم ينتظروا مجيء الحيدري كي يقوم بتنقيحها.
الخامسة:
يوهم الحيدري مستمعيه أن العلماء الأعلام عبر القرون لم يُحققوا في الأحاديث، وكأن كتب علم الرجال تلك التي تعد بالعشرات لا وجود لها، وكأنّ العلماء لم يُصنفوا الروايات في علم الدراية، وكأنهم أخذوا بالأحاديث في الحلال والحرام وفي عقيدتهم أيضا بلا تحقيق وبلا تنقيح وبلا تثبّت، وهذا الايحاء للمستمع فرية كبرى وجريمة عظمى عن مرض هيمن على الحيدري فأخذ يكيل التهم بلا حساب.
لو أراد الحق والإنصاف لأمكنه أن يقول إن مدرسة أهل البيت عليهم السلام اهتمت بتنقيح الروايات، ويأتي بتلك الأمثلة كأدلة على هذه الدعوى كي يبين للناس أن الدين محفوظ وهناك عيونا تسهر على صيانته من الدس والتحريف، وقبلهم أئمة معصومون نبهوا وبينوا.
ولم يتبجح بأنه المحقق الذي لا نظير له في الأولين ولا الآخرين.
فلماذا قلب الحق باطلا والباطل حقا!!!
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
نتابع كلام الحيدري في الحلقة الثالثة إن شاء الله.
رابط المقطع:
;