عن مهرجان القطيف ” واحتنا فرحانة”
- بواسطة: السيد صادق العوامي
- تاريخ الإضافة: 26/9/2010 - 4:58 م
- المشاهدات: 2517
وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا
وجدت هذا البيت الذي هو لأحمد شوقي خير عنوان يوصف به إنجاز ( مهرجان القطيف ، واحتنا فرحانة ) والذي قامت به مجموعة صالحة من أبناء هذا البلد ( بتنظيم من لجنة التنمية الإجتماعية الأهلية بالقطيف ) وهو إنجاز بكل معنى الكلمة ، سواء من حيث الجهد المبذول فيه ، أو الأثر الجميل الذي خلفه في واقع مجتمعنا الذي كان مفتقرا ً على الدوام ــ خلال السنين الماضية ــ إلى شيء من الفرح والبهجة الذين يجسدان مظهرا ً من مظاهر العيد المطلوبة والمستحبة ، وكأن لسان حال المجتمع في كل عيد يتساءل ويتمثل بقول المتنبي :
عيد , بأية حال عدت يا عيد لما مضى أم لأمر فيك تجديد
وكان الجواب في السابق دائما : لاشيء جديد ، وبالتالي لم يكن أمام أفراد المجتمع خيار لاستقبال فرحة العيد سوى السفر الى دول الخارج القريب أو البعيد ، ناشدين تغييرا في الجو النفسي الذي يحدثه السفر عادة ..
لقد أدركت إذن هذه المجموعة الطيبة حاجة مجتمعنا الملحة الى أجواء احتفالية تجدر بأيام العيد ، أجواء من شأنها أن ترسم الفرح والبهجة والسعادة على محيا ونفوس أبنائه ، صغارا وكبارا ... فبادرت الى العمل لإنجاز هذا الهدف ، وبذلت من وقتها وجهدها الكثير والكثير في هذا السبيل ، وإذا كان ينبغي أن لا نغفل في هذا الصدد الجهة الرسمية التي أولت دعما وتشجيعا لهذا العمل ، وهي البلدية ، الا أن ما قام فيه أفراد هذه المجموعة هو الأساس لهذا الانجاز ، بدءا ً من بزوغ فكرة المهرجان ، لديهم ، وانتهاء بما رأيناه من نجاح لهذا المهرجان بإدارتهم وتوجيهاتهم ، وهو نجاح لا يمكن إنكاره أو تجاهله .
ولقد حوى المهرجان ، كما شاهدناه جميعا ً ، فعاليات عديدة ومتنوعة ، وعلى فقرات وعروض فنية جديرة بالإعجاب ، وكثير من هذه العروض والفعاليات يشاهدها مرتادو المهرجان بالمجان ، وهذا يؤكد الهدف الوحيد من هذا المهرجان الذي يسعى إليه القائمون عليه وهو إشاعة جو السعادة والفرح للمواطنين ، وإتاحة ذلك لهم بدون مقابل ، وهو لعمري هدف رائع ونبيل يستحق منا كل التقدير والإمتنان ...
ولقد تحدث الكثير ــ بدافع أو آخر وبلهجة أو بأخرى ــ عن سلبيات وأخطاء صاحبت المهرجان ، لكننا نقول لهؤلاء الناس : نعم حدثت هذه الأخطاء وهذه السلبيات ... ولكن أتدرون ؟ إن هذه السلبيات والأخطاء ــ بقطع النظر عن مدى حجمها وأهميتها ــ هي التي ستقود هذا المهرجان الى التقدم والتطور في المرات القادمة بإذن الله ، ، وإذا كان الشاعر يقول عن الإنسان :
ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها كفى المرء فضلا أن تعد معايــبــه
فإننا نقول ، وأي مهرجان أو عمل يعجبنا كله ويكون بريئا من الأخطاء ؟؟ ، يكفى مدحا للعمل أن تعد أخطاؤه .. وإذا تذكرنا حقيقة أن مهرجان " واحتنا فرحانة " هو تجربة جديدة ، لمن قاموا به ، فإننا نعتقد إذن أن ما أشير إليه من أخطاء ، لهو أمر طبيعي جدا ً ، ومتوقع أيضا ً .
وبعد ، فلم أكن أنا ممن ساهم في المهرجان بشيء ، ولم أكن متطوعا ً فيه بشكل أو بآخر ــ وإن كنت أتمنى أن أنال الشرف بالقيام بذلك ــ بل كنت من هؤلاء الجمع الغفير الذي يذهب الى المهرجان ويستمتع بما فيه من فقرات ، وأعود وقد امتلأت ْ في الحقيقة إعجابا ً بهذا المهرجان ، وأعود وأنا أحمل في الحقيقة شكرا ً وتقديرا لمن يقفون وراء هذا العمل وأمامه وفيه ، و شكرا ً وتقديرا لهذا العدد الكبير من المتطوعين والمتطوعات الذي رأيناهم في أرجاء المهرجان ، صغارا ً وكبار ، وهم كخلية نحل ، نشاطا ودأبا .
إنني أذكر فقرة من فقرات الكلمة التى قالها الأستاذ علوي الخباز رئيس لجنة التنمية بمناسبة قرب افتتاح المهرجان ، فقرة يدعو فيها الى مؤازرة هذا المهرجان بشتى الصور ، سواء بالدعم المادي أو الفكري أو المقترح ، ولهذا فإن تسجيل كلمة إعجاب أو تقدير للأثر الكبير والجميل الذي خلفه هذا المهرجان في نفوس المواطنين ، إنما يعتبر ــ أخلاقيا واجتماعيا ــ واجبا ً على كل فرد منا وهذا الواجب يمثل " أضعف الإيمان " ... فإن من لا يشكر الناس لا يشكر الخالق ,غير أني أعود لقول أحمد شوقي :
وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا
لكي نأخذ منه درسا ً وندرك أن الإرادة والعزيمة كفيلتان ، بتحقيق إنجازات أخرى لمجتمعنا الحبيب ، في مختلف الجوانب وعلى شتى الأصعدة ، كما حققت هذه المجموعة هذا الانجاز الذي قد لا أعدو الصواب إن وصفته " بالتاريخي " على مستوى القطيف ، فهو ولا شك أول مرة يحدث مثل هذا الحدث ، وإن كنا بالطبع لا نغفل الإنجازات الأخرى التي قام به أيضا أفراد محبون لمجتمعهم وبلدهم ، ولكن هذا المهرجان له خصوصية ، وهو أنه حدث في قلب القطيف وبشكل أوسع وأكبر .